تحليل آفاق ترقية تقنية بروتوكول Ethereum (1): The Merge

ستتناول هذه المقالة الجزء الأول من خارطة الطريق (The Merge)، وتستكشف الجوانب التقنية في إثبات الحصة (PoS) التي لا تزال بحاجة إلى تحسين، بالإضافة إلى الطرق الممكنة لتحقيق هذه التحسينات.

الكاتب: Ebunker

منذ أكتوبر من هذا العام، نشر المؤسس المشارك لـ Ethereum، Vitalik Buterin، سلسلة من المقالات حول الإمكانيات المستقبلية لبروتوكول Ethereum، والتي تغطي ستة أجزاء من خارطة طريق تطوير Ethereum: The Merge، The Surge، The Scourge، The Verge، The Purge و The Splurge. ستتناول هذه المقالة الجزء الأول من خارطة الطريق (The Merge)، وتستكشف الجوانب التقنية في إثبات الحصة (PoS) التي لا تزال بحاجة إلى تحسين، بالإضافة إلى الطرق الممكنة لتحقيق هذه التحسينات.

يعتقد Vitalik أن "الدمج" يشير إلى أهم حدث في تاريخ بروتوكول Ethereum منذ إطلاقه: الانتقال من إثبات العمل (PoW) إلى إثبات الحصة (PoS). اليوم، أصبح Ethereum نظام PoS يعمل بثبات منذ ما يقرب من عامين، وقد أظهر هذا النظام أداءً ممتازًا من حيث الاستقرار والأداء وتجنب مخاطر المركزية. ومع ذلك، لا يزال هناك بعض المجالات الهامة التي تحتاج إلى تحسين في إثبات الحصة.

قسمت خارطة طريق Ethereum لعام 2023 هذه التحسينات إلى عدة أجزاء: تحسين الميزات التقنية (مثل الاستقرار، الأداء، وإمكانية الوصول للمحققين الأصغر)، بالإضافة إلى تغييرات اقتصادية لمواجهة مخاطر المركزية. ووفقًا لـ Vitalik، فهذه المقالة ليست قائمة شاملة بجميع التحسينات الممكنة لإثبات الحصة، بل هي أفكار قيد الدراسة الفعلية.

الأهداف الرئيسية للدمج هي كما يلي:

1. الحسم في فتحة واحدة (SSF): عادةً ما يستغرق تأكيد كتلة Ethereum حوالي 15 دقيقة. ومع ذلك، يمكن تقليل الوقت المطلوب للحسم بشكل كبير من خلال تحسين كفاءة آلية الإجماع في Ethereum للتحقق من الكتل. يمكن اقتراح الكتلة وحسمها في نفس الفتحة دون الحاجة إلى الانتظار لمدة 15 دقيقة.

2. تأكيد وإتمام المعاملات بأقصى سرعة ممكنة مع الحفاظ على اللامركزية

3. تحسين إمكانية المشاركة الفردية في الستاكينغ

4. تعزيز المتانة

5. تعزيز قدرة Ethereum على مقاومة واستعادة هجمات 51% (بما في ذلك عكس الحسم، منع الحسم، والرقابة)

الحسم في فتحة واحدة وديمقراطية الستاكينغ

حاليًا، يتطلب الأمر 2–3 epochs (حوالي 15 دقيقة) لإتمام كتلة واحدة، ويتطلب أن يكون لديك 32 ETH لتصبح محققًا. تم اتخاذ هذا القرار في البداية لتحقيق توازن بين ثلاثة أهداف:

• تعظيم عدد المحققين المشاركين في الستاكينغ (تقليل الحد الأدنى من ETH المطلوب للستاكينغ)؛
• تقليل وقت الحسم إلى الحد الأدنى؛
• تقليل التكاليف التشغيلية لتشغيل العقد إلى الحد الأدنى.

هذه الأهداف الثلاثة تتعارض مع بعضها البعض: لتحقيق الحسم الاقتصادي (أي أن المهاجم يحتاج إلى تدمير كمية كبيرة من ETH لاستعادة الكتل المحسومة)، يجب على كل محقق توقيع رسالتين في كل مرة يتم فيها الحسم. لذلك، إذا كان هناك عدد كبير من المحققين، فإما أن يستغرق الأمر وقتًا طويلاً لمعالجة جميع التوقيعات، أو يتطلب عقدًا قوية جدًا لمعالجة جميع التوقيعات في نفس الوقت.

كل هذا يعتمد على هدف رئيسي لـ Ethereum: التأكد من أن أي هجوم ناجح سيكلف المهاجم تكلفة باهظة. هذا هو معنى مصطلح "الحسم الاقتصادي".

هناك أيضًا أمثلة معاكسة، حيث تعتمد بعض سلاسل البلوكشين التي لا تمتلك "الحسم الاقتصادي" (مثل Algorand) على اختيار لجنة عشوائية لحسم كل فتحة. لكن المشكلة في هذه الطريقة هي أنه إذا سيطر المهاجم على 51% من المحققين، فإن تكلفة الهجوم منخفضة جدًا: فقط جزء من العقد في اللجنة سيتم اكتشافه ومعاقبته. هذا يعني أن المهاجم يمكنه مهاجمة السلسلة مرارًا وتكرارًا.

لذلك، إذا أراد Ethereum تحقيق الحسم الاقتصادي، فإن الطريقة البسيطة القائمة على اللجان لا تنجح، بل يتطلب الأمر مشاركة جميع المحققين.

في الوضع المثالي، يرغب Ethereum في تحسين الوضع الحالي في جانبين مع الحفاظ على الحسم الاقتصادي:

1. حسم الكتلة في فتحة واحدة (slot) (يفضل الحفاظ على طول الفتحة الحالي البالغ 12 ثانية أو حتى تقليله)، بدلاً من 15 دقيقة

2. السماح للمحققين بالستاكينغ باستخدام 1 ETH فقط (خفض الحد الأدنى من 32 ETH إلى 1 ETH)

النقطة الأولى تضمن أن جميع مستخدمي Ethereum يمكنهم الاستفادة من مستوى أعلى من الأمان الذي توفره آلية الحسم. اليوم، لا يتمتع معظم المستخدمين بهذا الأمان لأنهم لا يرغبون في الانتظار لمدة 15 دقيقة؛ بينما مع آلية الحسم في فتحة واحدة، يمكن للمستخدمين رؤية حسم معاملاتهم تقريبًا فور تأكيدها. ثانيًا، إذا لم يكن على المستخدمين والتطبيقات القلق بشأن إمكانية التراجع عن السلسلة، فإن ذلك يبسط البروتوكول والبنية التحتية المحيطة به.

النقطة الثانية تهدف إلى دعم الستاكينغ الفردي. وفقًا للعديد من الاستطلاعات، فإن العائق الرئيسي أمام الستاكينغ الفردي هو الحد الأدنى الحالي البالغ 32 ETH. خفض الحد الأدنى إلى 1 ETH سيحل هذه المشكلة.

هناك تحدٍ حالي: أهداف الحسم الأسرع وديمقراطية الستاكينغ تتعارض مع هدف تقليل التكاليف. في الواقع، هذا هو السبب في أن Ethereum لم تعتمد الحسم في فتحة واحدة منذ البداية. ومع ذلك، اقترحت الأبحاث الحديثة بعض الطرق الممكنة لحل هذه المشكلة.

طريقة العمل:

الحسم في فتحة واحدة يتضمن استخدام خوارزمية إجماع تحسم الكتلة في فتحة واحدة. هذا ليس هدفًا صعب التحقيق بحد ذاته، حيث أن العديد من الخوارزميات (مثل إجماع Tendermint) قد حققت ذلك بالفعل.

ميزة فريدة لـ Ethereum هي (inactivity leaks): حتى إذا كان أكثر من ثلث المحققين غير متصلين، فإن هذه الميزة تسمح للبلوكشين بالاستمرار في العمل والتعافي في النهاية.

مقترحات الحسم في فتحة واحدة

هناك عدة حلول رائدة حول كيفية جعل الحسم في فتحة واحدة يعمل مع عدد كبير جدًا من المحققين دون التسبب في تكاليف تشغيلية عالية للعقد:

الخيار الأول هو القوة الغاشمة، من خلال تطوير بروتوكولات تجميع توقيعات أفضل، وربما باستخدام ZK-SNARKs، مما يجعل من الممكن معالجة توقيعات ملايين المحققين في فتحة واحدة. على سبيل المثال، Horn هو أحد المقترحات المصممة لبروتوكولات التجميع الأفضل.

الخيار الثاني هو Orbit Committee، وهي آلية جديدة تسمح للجنة متوسطة الحجم يتم اختيارها عشوائيًا بتولي مسؤولية حسم السلسلة، مع الحفاظ على خاصية تكلفة الهجوم. تستفيد Orbit من التباين الموجود مسبقًا في حجم ودائع المحققين لتحقيق أكبر قدر ممكن من الحسم الاقتصادي، مع منح المحققين الصغار أدوارًا مناسبة لهم.

كما هو موضح في الشكل أدناه، بين النطاق x=0 (لجنة Algorand، بدون حسم اقتصادي) و x=1 (الوضع الحالي لـ Ethereum) — تفتح Orbit SSF منطقة وسطى:

1. حيث تظل تكلفة السلوك الخبيث مرتفعة للغاية لضمان الأمان الشديد؛

2. وفي الوقت نفسه، يشارك فقط عينة عشوائية متوسطة الحجم من المحققين في كل فتحة، مما يقلل العبء على العقد.

الخيار الثالث هو الستاكينغ ذو الطبقتين، وهو آلية بها نوعان من المحققين: أحدهما يتطلب وديعة عالية، والآخر يتطلب وديعة منخفضة. فقط الطبقة ذات الوديعة العالية تشارك مباشرة في توفير الحسم الاقتصادي. أما بالنسبة لحقوق ومسؤوليات الطبقة ذات الوديعة المنخفضة، فقد تم اقتراح عدة أفكار، منها:

• حق تفويض الحصة إلى حاملي الحصة من الطبقة العليا؛
• اختيار عشوائي لمحققين من الطبقة المنخفضة لإثبات وحسم كل كتلة؛
• حق إنشاء قوائم الإدراج، وغيرها.

بالنسبة لتجربة أمان Ethereum وخصائص مركزية الستاكينغ، لكل حل من هذه الحلول مزاياه وعيوبه ومجالات يجب الموازنة بينها: القوة الغاشمة يمكن أن تحل المشكلة، لكنها تتطلب تجميع عدد هائل من التوقيعات في وقت قصير، وهو أمر صعب تقنيًا للغاية؛ لجنة Orbit تحتاج إلى التحقق من أمانها وخصائصها، بالإضافة إلى التوثيق والتنفيذ الرسمي؛ أما آلية الستاكينغ ذو الطبقتين فتواجه خطر المركزية، والذي يعتمد بدرجة كبيرة على الحقوق التي تمنح للطبقة ذات الوديعة المنخفضة.

بالإضافة إلى الحسم في فتحة واحدة، فإن انتخاب القائد السري الفردي هو أيضًا قضية مهمة في نظام إثبات الحصة في Ethereum. اليوم، يمكن معرفة أي محقق سيقترح الكتلة التالية مسبقًا، مما يخلق ثغرة أمنية حيث يمكن للمهاجم مراقبة الشبكة، وتحديد عناوين IP الخاصة بالمحققين، وشن هجوم DoS عليهم عندما يكونون على وشك اقتراح كتلة.

أفضل طريقة لحل هذه المشكلة هي إخفاء هوية المحقق الذي سيولد الكتلة التالية، على الأقل حتى يتم إنشاء الكتلة فعليًا.

انتخاب القائد السري الفردي

حاليًا، يمكن معرفة أي محقق سيقترح الكتلة التالية مسبقًا، مما يخلق ثغرة أمنية: يمكن للمهاجم مراقبة الشبكة، وتحديد عناوين IP الخاصة بالمحققين، وشن هجوم DoS عليهم عندما يكونون على وشك اقتراح كتلة.

يحل بروتوكول انتخاب القائد السري الفردي هذه المشكلة من خلال استخدام بعض التقنيات التشفيرية لإنشاء معرف "أعمى" لكل محقق، ثم السماح للعديد من المقترحين بإعادة ترتيب وإعادة تعمية مجموعة المعرفات العمياء.

ومع ذلك، فإن تنفيذ بروتوكول انتخاب القائد السري الفردي بشكل بسيط بما فيه الكفاية ليس بالأمر السهل.

بساطة بروتوكول Ethereum أمر بالغ الأهمية، ولا يرغب المطورون في زيادة تعقيده أكثر. استخدم SSLE المبسط باستخدام توقيعات الحلقة (Simplified SSLE using ring signatures) بضع مئات فقط من أسطر الكود المعياري، لكنه أدخل افتراضات جديدة في التشفير المعقد.

كيفية تحقيق SSLE مقاوم للكمبيوتر الكمومي وفعال بما فيه الكفاية هي أيضًا قضية. قد يحدث في النهاية أن "التعقيد الإضافي الهامشي" لـ SSLE سينخفض إلى مستوى مقبول فقط عندما نجرب بجرأة ونقدم آلية تنفيذ إثبات المعرفة الصفرية العامة في بروتوكول Ethereum على الطبقة الأولى (L1) لأسباب أخرى.

بالإضافة إلى ذلك، فإن تأكيد المعاملات بشكل أسرع هو أيضًا أحد القضايا التي يجب حلها في نظام إثبات الحصة في Ethereum.

تقليل وقت تأكيد معاملات Ethereum بشكل أكبر (من 12 ثانية إلى 4 ثوانٍ) له قيمة كبيرة. سيؤدي ذلك إلى تحسين تجربة المستخدم على الطبقة الأولى (L1) وrollups بشكل كبير، بالإضافة إلى جعل بروتوكولات DeFi أكثر كفاءة. كما سيجعل الطبقة الثانية (L2) أكثر لامركزية، لأنه سيسمح للعديد من تطبيقات L2 بالعمل على rollups، مما يقلل من الحاجة إلى أن تبني L2 آليات ترتيب لامركزية خاصة بها قائمة على اللجان.

هناك تقنيتان رئيسيتان: تقليل وقت الفتحة (slot) إلى 8 أو 4 ثوانٍ؛ أو السماح للمقترحين بنشر تأكيدات مسبقة خلال فتحة واحدة. ومع ذلك، لا يزال من غير الواضح مدى جدوى تقليل وقت الفتحة.

حتى اليوم، يجد العديد من المحققين في مناطق مختلفة من العالم صعوبة في الحصول على الإثباتات بالسرعة الكافية. تجربة وقت الفتحة البالغ 4 ثوانٍ تحمل خطر مركزية المحققين، وبسبب التأخير، يصبح من غير الواقعي أن تكون محققًا خارج عدد قليل من المناطق ذات الامتياز الجغرافي.

ضعف طريقة التأكيد المسبق للمقترحين هو أنها يمكن أن تحسن بشكل كبير من متوسط وقت الإدراج، لكنها لا تحسن أسوأ الحالات. بالإضافة إلى ذلك، هناك قضية لم تُحل بعد حول كيفية تحفيز التأكيدات المسبقة.

في مواجهة التهديدات المحتملة من الحوسبة الكمومية في المستقبل، يحتاج Ethereum إلى تطوير بدائل مقاومة للهجمات الكمومية بنشاط. يجب أن يكون لكل جزء من بروتوكول Ethereum يعتمد حاليًا على المنحنيات البيضاوية بديل يعتمد على التجزئة أو تقنيات مقاومة للكمبيوتر الكمومي الأخرى. هذا يثبت أن التحفظ في الافتراضات المتعلقة بالأداء في تصميم إثبات الحصة أمر معقول، وهو أيضًا سبب لتطوير بدائل مقاومة للهجمات الكمومية بشكل أكثر نشاطًا.

الخلاصة

نظام إثبات الحصة في Ethereum مليء بالتحديات على طريق التطور التقني. نظرًا لارتفاع عتبة الستاكينغ الفردي في Ethereum، أصبحت خدمات الستاكينغ مثل Lido الخيار الأول لستاكينغ عقد Ethereum، كما أن حلول الستاكينغ ذات الطبقتين تحمل درجة معينة من مخاطر المركزية. لمواجهة هذه التحديات، تعتبر الحسم في فتحة واحدة وديمقراطية الستاكينغ، وانتخاب القائد السري الفردي، وتسريع تأكيد المعاملات، وتطوير بدائل مقاومة للهجمات الكمومية، كلها قضايا هامة يجب على Ethereum معالجتها.

قدم Vitalik تفكيرًا شاملاً حول ترقية "The Merge"، واقترح أكبر عدد ممكن من الحلول التقنية، وناقش إمكانيات تصميم تقنية إثبات الحصة في Ethereum، بالإضافة إلى المسارات التقنية الممكنة حاليًا للترقية.

خلال عملية الترقية التقنية، يواصل Ethereum استكشاف الابتكار والموازنة بين الحلول التقنية المختلفة لاختيار أفضل مسار للتطوير، وتحقيق مستويات أعلى من الأمان والأداء واللامركزية.