الكاتب: Sleepy.txt
المحرر: Jack
21 أكتوبر، واشنطن العاصمة. امتلأت قاعة الاجتماعات في مقر الاحتياطي الفيدرالي بأشخاص كانوا يُعتبرون قبل بضع سنوات مثيري مشاكل في النظام المالي.
مؤسس Chainlink، رئيس Circle، المدير المالي لـ Coinbase، والرئيس التنفيذي للعمليات في BlackRock، جلسوا وجهاً لوجه مع عضو مجلس الاحتياطي الفيدرالي كريستوفر والر، لمناقشة العملات المستقرة، التوكننة، ودفعات الذكاء الاصطناعي.
هذه هي المرة الأولى التي يعقد فيها الاحتياطي الفيدرالي مؤتمراً حول ابتكار المدفوعات. المؤتمر غير مفتوح للجمهور، لكنه بُث بالكامل على الهواء مباشرة. جدول الأعمال تضمن أربعة مواضيع: دمج التمويل التقليدي مع الأصول الرقمية، نماذج أعمال العملات المستقرة، تطبيقات الذكاء الاصطناعي في المدفوعات، ومنتجات التوكننة. خلف كل موضوع، هناك سوق بقيمة تريليونات الدولارات.
قال والر في كلمته الافتتاحية: "هذا عصر جديد للاحتياطي الفيدرالي في مجال المدفوعات، لم يعد يُنظر إلى صناعة DeFi على أنها مشبوهة أو مثار للسخرية." بعد انتشار هذه العبارة في مجتمع العملات الرقمية، ارتفع سعر Bitcoin بنسبة 2% في ذلك اليوم. وأضاف والر في خطابه الافتتاحي: "تتطور ابتكارات المدفوعات بسرعة، ويجب على الاحتياطي الفيدرالي مواكبتها."
تضمن مؤتمر ابتكار المدفوعات هذا أربع جلسات حوارية مستديرة، وقد قامت Beating بتلخيص محتواها، وفيما يلي الموضوعات والمحاور الأساسية للمؤتمر:
الحساب الرئيسي "المبسط" للاحتياطي الفيدرالي
أهم ما طرحه والر هو مفهوم يُسمى "الحساب الرئيسي المبسط".
الحساب الرئيسي للاحتياطي الفيدرالي هو تصريح دخول البنوك إلى نظام مدفوعات الاحتياطي الفيدرالي. مع هذا الحساب، يمكن للبنوك استخدام مسارات الدفع مثل Fedwire وFedNow مباشرة دون الحاجة إلى وسطاء. لكن عتبة الحصول على الحساب الرئيسي مرتفعة، وإجراءات الموافقة طويلة، وقد تقدمت العديد من شركات العملات الرقمية بطلبات لسنوات دون الحصول عليه.
Custodia Bank هو مثال نموذجي. هذا البنك الرقمي في وايومنغ بدأ طلب الحساب الرئيسي في عام 2020، وعرقل الاحتياطي الفيدرالي العملية لأكثر من عامين، وفي النهاية رفع البنك دعوى قضائية ضد الاحتياطي الفيدرالي. واجهت Kraken مشكلة مماثلة.
قال والر إن العديد من شركات المدفوعات لا تحتاج إلى جميع وظائف الحساب الرئيسي. فهي لا تحتاج إلى الاقتراض من الاحتياطي الفيدرالي، ولا تحتاج إلى السحب على المكشوف خلال النهار، بل تحتاج فقط إلى الوصول إلى نظام المدفوعات. لذلك، يدرس الاحتياطي الفيدرالي نوعاً "مبسّطاً" من الحسابات، يوفر لهذه الشركات خدمات دفع أساسية مع التحكم في المخاطر.
بشكل محدد، هذا الحساب لا يدفع فوائد، وقد يكون له حد أقصى للرصيد، ولا يسمح بالسحب على المكشوف أو الاقتراض، لكن إجراءات الموافقة ستكون أسرع بكثير.
عضو مجلس الاحتياطي الفيدرالي والر
ماذا يعني هذا الاقتراح؟ يمكن لمصدري العملات المستقرة وشركات المدفوعات الرقمية الوصول مباشرة إلى نظام مدفوعات الاحتياطي الفيدرالي دون الاعتماد على البنوك التقليدية.
سيؤدي ذلك إلى خفض التكاليف بشكل كبير وزيادة الكفاءة. والأهم من ذلك، أن هذه هي المرة الأولى التي يعترف فيها الاحتياطي الفيدرالي رسمياً بأن هذه الشركات مؤسسات مالية شرعية.
الحوار الأول: تصادم التمويل التقليدي مع النظام الرقمي
كان موضوع النقاش الأول هو "دمج التمويل التقليدي مع النظام البيئي للأصول الرقمية". أدارت الجلسة كبيرة المستشارين القانونيين في Jito Labs، ريبيكا ريتج، وجلس على المنصة المؤسس المشارك لـ Chainlink سيرجي نازاروف، الرئيس التنفيذي لـ Lead Bank جاكي ريسيس، الرئيس التنفيذي لـ Fireblocks مايكل شالوف، ورئيسة الخدمات المالية العالمية وإدارة شهادات الإيداع في بنك نيويورك ميلون جينيفر باك.
من اليسار إلى اليمين: كبيرة المستشارين القانونيين في Jito Labs ريبيكا ريتج، المؤسس المشارك لـ Chainlink سيرجي نازاروف، الرئيس التنفيذي لـ Lead Bank جاكي ريسيس، الرئيس التنفيذي لـ Fireblocks مايكل شالوف، ورئيسة الخدمات المالية العالمية وإدارة شهادات الإيداع في بنك نيويورك ميلون جينيفر باك
قابلية التشغيل البيني هي أكبر عقبة أمام الدمج
بدأ نازاروف، المؤسس المشارك لـ Chainlink، الحديث مباشرة بأن أكبر مشكلة حالياً هي قابلية التشغيل البيني. هناك نقص في معايير الامتثال الموحدة، وآليات التحقق من الهوية، وأطر المحاسبة بين الأصول على البلوكشين والنظام المالي التقليدي. ومع انخفاض تكلفة إنشاء سلاسل جديدة، تتفاقم "تجزئة" السلاسل، مما يجعل الحاجة إلى معايير موحدة أكثر إلحاحاً.
وجه نداءً للاحتياطي الفيدرالي بضرورة تمكين أنظمة المدفوعات من التفاعل مع العملات المستقرة والودائع المرمّزة. وأوضح أن قطاع المدفوعات يمثل جانب الطلب في اقتصاد الأصول الرقمية، وإذا تمكن الاحتياطي الفيدرالي من تقديم إطار واضح لإدارة المخاطر، فستظل الولايات المتحدة رائدة في ابتكار المدفوعات الرقمية عالمياً.
وأشار إلى أنه قبل عام لم يكن من الممكن تخيل مناقشة "DeFi المنظم" في الاحتياطي الفيدرالي، وهذا بحد ذاته يمثل اتجاهاً إيجابياً. وتوقع نازاروف أنه في السنوات 2 إلى 5 القادمة سيظهر نموذج هجين: "متغير DeFi المنظم"، أي أتمتة عمليات الامتثال عبر العقود الذكية.
البنوك التقليدية غير مستعدة بعد، والعقبة الأساسية هي المعرفة والموارد البشرية
ترى جاكي ريسيس، الرئيس التنفيذي لـ Lead Bank، أنه حتى مع وجود مخطط لدمج التمويل التقليدي مع النظام الرقمي، فإن معظم البنوك ليست مستعدة للتعامل مع هذا الدمج. البنوك التقليدية تفتقر إلى بنية تحتية للمحافظ، وتفتقر إلى أنظمة لمعالجة الإيداع والسحب بالعملات الرقمية، وهناك نقص في "المواهب التي تفهم منتجات البلوكشين" داخل البنوك.
لخصت المشكلة بأنها فجوة في المعرفة والقدرات، وأكدت أن العقبة الأكبر ليست التكنولوجيا نفسها، بل "معرفة وقدرة فرق الخدمات المالية الأساسية في البنوك". هذه الفرق الأساسية، بسبب نقص الفهم والقدرة على تقييم منتجات البلوكشين الناشئة، لا تعرف كيف تنظم أو تشرف على هذه الأعمال الجديدة بفعالية.
هذا النقص في الاستعداد أكثر وضوحاً في قطاع التجزئة. أشارت ريسيس إلى أنه على الرغم من أن أنظمة KYC للمؤسسات أصبحت ناضجة نسبياً، إلا أن المستخدمين الأفراد لا يزالون يجدون صعوبة في الوصول إلى هذه الأدوات. وهذا يكشف عن حقيقة محرجة: حتى لو أرادت البنوك المشاركة، فإن قدرتها على الخدمة تقتصر على عدد قليل من العملاء المؤسسيين، ولا تزال بعيدة عن التطبيق الواسع النطاق.
الصناعة بحاجة إلى إطار تنظيمي واقعي للرقابة وإدارة المخاطر
ناقش الحوار أيضاً مشكلة الاحتيال عبر الذكاء الاصطناعي، ما أدى إلى مناقشة "قابلية عكس" المعاملات على السلسلة. يمكن إلغاء التحويلات البنكية التقليدية، لكن معاملات البلوكشين نهائية، فكيف يمكن تلبية متطلبات التنظيم لإجراءات قابلة للعكس مع الحفاظ على نهائية المعاملات على السلسلة؟ هذا تحدٍ خطير. دعت ريسيس المنظمين إلى التقدم "ببطء وثبات"، لأن "الابتكار دائماً رائع، حتى يتعرض أحد أفراد عائلتك للاحتيال."
أما مايكل شالوف، الرئيس التنفيذي لـ Fireblocks، فقد وجه النقاش نحو قضايا اقتصادية وتنظيمية أعمق. أشار إلى أن العملات المستقرة قد تعيد تشكيل سوق الائتمان، مما يؤثر على السياسة النقدية للاحتياطي الفيدرالي. كما أشار إلى منطقة تنظيمية غامضة: عندما توضع "الودائع المرمّزة" للبنوك على بلوكشين عام، لا تزال مسؤولية البنك غير واضحة، وهذا هو العائق الرئيسي أمام تقدم مشاريع البنوك حالياً. دعا إلى مزيد من البحث حول كيفية تغيير الأصول الرقمية لميزانيات البنوك ودور الاحتياطي الفيدرالي في ذلك.
أخيراً، قدمت جينيفر باك من بنك نيويورك ميلون "قائمة أمنيات" تضمنت أربعة أمور ترغب البنوك التقليدية في أن يعطيها المنظمون أولوية: تشغيل أنظمة المدفوعات على مدار 24 ساعة، وضع معايير تقنية، تعزيز كشف الاحتيال، وإنشاء إطار للسيولة والاسترداد للعملات المستقرة والودائع المرمّزة.
الحوار الثاني: مشاكل وفرص العملات المستقرة
ركز النقاش الثاني على العملات المستقرة. أدار الجلسة المؤسس المشارك لـ Multicoin Capital كايل ساماني، وجلس على المنصة الرئيس التنفيذي لـ Paxos تشارلز كاسكاريا، رئيس Circle هيث تاربوت، الرئيس التنفيذي لـ Fifth Third Bank تيم سبينس، والرئيس التنفيذي لـ DolarApp فيرناندو تريز.
من اليسار إلى اليمين: المؤسس المشارك لـ Multicoin Capital كايل ساماني، الرئيس التنفيذي لـ Paxos تشارلز كاسكاريا، الرئيس التنفيذي لـ Fifth Third Bank تيم سبينس، الرئيس التنفيذي لـ DolarApp فيرناندو تريز، رئيس Circle هيث تاربوت
الطلب القوي وحالات الاستخدام للعملات المستقرة المتوافقة مع التنظيم
في يوليو من هذا العام، أقرّت الولايات المتحدة "قانون GENIUS"، الذي يطلب من مصدري العملات المستقرة الاحتفاظ بـ 100% من الأصول الاحتياطية عالية الجودة، وخاصة النقد وسندات الخزانة الأمريكية قصيرة الأجل.
بعد دخول القانون حيز التنفيذ، ارتفعت حصة العملات المستقرة المتوافقة مع التنظيم من أقل من 50% في بداية العام إلى 72%. وكانت Circle وPaxos أكبر المستفيدين. بلغ حجم التداول لـ USDC في الربع الثاني من هذا العام 65 مليار دولار، أي 28% من السوق العالمية، مع نمو سنوي يزيد عن 40%.
من حيث حالات الاستخدام، قدم سبينس، ممثل البنوك، الرأي الأكثر واقعية. يرى أن أقوى وأوضح حالة استخدام للعملات المستقرة هي "المدفوعات عبر الحدود"، لأنها تحل فعلياً مشاكل التأخير في التسوية ومخاطر الصرف الأجنبي في النظام التقليدي. أما قابلية البرمجة المطلوبة لتجارة الوكلاء عبر الذكاء الاصطناعي فهي مستقبل بعيد نسبياً.
أضاف تريز من DolarApp من منظور أمريكا اللاتينية، أن العملات المستقرة في هذه الدول ذات العملات المحلية غير المستقرة ليست أداة مضاربة، بل وسيلة ضرورية للحفاظ على القيمة، وذكّر صانعي القرار الأمريكيين بأن حالات استخدام العملات المستقرة أوسع بكثير مما يتخيلونه.
عنق الزجاجة في تجربة المستخدم "مثل الاتصال الهاتفي بالإنترنت"
أشار كاسكاريا إلى أكبر مشكلة نمو في الصناعة: تجربة المستخدم.
شبه DeFi والعملات الرقمية الحالية بمرحلة "الاتصال الهاتفي بالإنترنت" المبكرة، وقال صراحة إن DeFi والعملات الرقمية لم يتم تجريدهما بشكل كافٍ بعد.
يرى أنه فقط عندما يتم تجريد تقنية البلوكشين بشكل جيد وتصبح "غير مرئية"، سيحدث التبني الواسع. "لا أحد يعرف كيف يعمل الهاتف المحمول... لكن الجميع يعرف كيف يستخدمه. يجب أن تكون العملات الرقمية، البلوكشين، والعملات المستقرة هكذا."
أشاد كاسكاريا بشركات مثل PayPal، معتبراً أن دمجها للعملات المستقرة في النظام المالي التقليدي هو علامة مبكرة على هذا التحول في سهولة الاستخدام.
تهديد لنظام الائتمان المصرفي
شارك تاربوت من Circle وسبينس من Fifth Third Bank في النقاش، ويمثلان موقف البنوك التقليدية، ووجودهما بحد ذاته إشارة.
حاول سبينس أولاً إعادة تشكيل هوية البنوك، واقترح استخدام "ScaledFi" (التمويل واسع النطاق) بدلاً من "TradFi" (التمويل التقليدي)، وقال إن صفة "القدم" للبنوك "هي أقل الأمور إثارة للاهتمام".
وأشار أيضاً إلى أن العملات المستقرة لن تستنزف "رأس مال" البنوك، لكنها ستستنزف "الودائع". التهديد الحقيقي هو أنه إذا سُمح للعملات المستقرة بدفع فوائد (حتى لو كانت في شكل "مكافآت" مثل دعم USDC من Coinbase)، فسيشكل ذلك تهديداً كبيراً لتكوين الائتمان المصرفي.
الوظيفة الأساسية للبنوك هي جمع الودائع ومنح القروض (أي خلق الائتمان)، وإذا جذبت العملات المستقرة بمرونتها وفوائدها المحتملة كمية كبيرة من الودائع، ستتقلص قدرة البنوك على الإقراض، مما يهدد نظام الائتمان الاقتصادي بأكمله. هذا يشبه تأثير صناديق سوق المال (MMMFs) على النظام المصرفي في بداياتها.
الحوار الثالث: خيال وواقع الذكاء الاصطناعي
كان موضوع النقاش الثالث هو الذكاء الاصطناعي. أدار الجلسة الرئيس التنفيذي لـ Modern Treasury مات ماركوس، وجلس على المنصة الرئيس التنفيذي لـ ARK Invest كاثي وود، المديرة المالية لـ Coinbase أليشا هاس، رئيسة الذكاء الاصطناعي في Stripe إميلي ساندز، ورئيس استراتيجية Web3 في Google Cloud ريتشارد ويدمان.
الذكاء الاصطناعي يفتتح عصر "وكلاء الأعمال"
توقعت كاثي وود أن "أنظمة الدفع بالوكالة" المدفوعة بالذكاء الاصطناعي، أي أن الذكاء الاصطناعي ينتقل من "المعرفة" إلى "التنفيذ"، بحيث يمكنه اتخاذ قرارات مالية نيابة عن المستخدمين (مثل دفع الفواتير، التسوق، الاستثمار). سيؤدي ذلك إلى إطلاق إنتاجية هائلة. وأكدت: "نعتقد أنه مع مثل هذه الاختراقات وإطلاق الإنتاجية، قد يتسارع نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في السنوات الخمس القادمة إلى 7% أو أكثر."
الرئيس التنفيذي لـ ARK Invest كاثي وود
بالإضافة إلى ذلك، اعتبرت وود أن الذكاء الاصطناعي والبلوكشين هما المنصتان الأكثر أهمية في موجة الإنتاجية الحالية. واعتبرت أن العداء الأمريكي المبكر تجاه البلوكشين كان نعمة مقنعة، إذ أجبر صانعي السياسات على إعادة التفكير، ودق ناقوس الخطر لاستعادة قيادة الولايات المتحدة لـ "الجيل القادم من الإنترنت".
من منظور عملي، أكدت إميلي ساندز من Stripe أنه على الرغم من ظهور حالات استخدام مثل التسوق بالوكالة عبر الذكاء الاصطناعي (مثل الدفع بنقرة واحدة عبر ChatGPT)، إلا أن تخفيف مخاطر الاحتيال لا يزال "أحد أكبر التحديات الملحة". يجب على التجار تحديد كيفية تفاعل أنظمتهم مع هذه الوكلاء لمنع أنواع جديدة من الاحتيال.
من حيث تحسين الكفاءة المالية، فإن تأثير الذكاء الاصطناعي مذهل أيضاً. توقعت أليشا هاس من Coinbase أن نصف الشيفرات البرمجية ستكتبها روبوتات الذكاء الاصطناعي بحلول نهاية العام، مما يضاعف تقريباً قوة البحث والتطوير. وفي مجال التسوية المالية، يمكن لشخص واحد إتمام تسوية معاملات العملات الرقمية في نصف يوم، بينما يتطلب الأمر 15 شخصاً وثلاثة أيام لتسوية نفس الكمية من المعاملات بالعملات التقليدية، ما يوضح كيف يقلل الذكاء الاصطناعي والتقنيات الرقمية من تكاليف التشغيل.
العملات المستقرة هي البنية التحتية المالية الجديدة التي يحتاجها وكلاء الذكاء الاصطناعي
كان هناك إجماع ثانٍ في النقاش، وهو أن وكلاء الذكاء الاصطناعي يحتاجون إلى أداة مالية جديدة وأصلية، والعملات المستقرة هي الحل الطبيعي.
شرح ريتشارد ويدمان من Google Cloud أن وكلاء الذكاء الاصطناعي لا يمكنهم فتح حسابات مصرفية تقليدية مثل البشر، لكن يمكنهم امتلاك محافظ رقمية. توفر العملات المستقرة حلاً مثالياً، فهي قابلة للبرمجة، ومناسبة بشكل خاص للمعاملات الصغيرة المؤتمتة بالذكاء الاصطناعي (مثل دفعات بقيمة سنتين) وتسوية المعاملات بين الآلات (M2M).
أضافت أليشا هاس من Coinbase أن قابلية برمجة العملات المستقرة ووضوح البيئة التنظيمية المتزايد يجعلانها الخيار المثالي للمعاملات المدفوعة بالذكاء الاصطناعي. كما أن سرعة تحقيق الإيرادات في شركات الذكاء الاصطناعي (معدل ARR أسرع 3-4 مرات من شركات SaaS) تتطلب بنية تحتية للمدفوعات تتكامل مع طرق دفع جديدة مثل العملات المستقرة.
في الوقت نفسه، توفر العملات المستقرة وتقنية البلوكشين أدوات جديدة لمكافحة الاحتيال، مثل استخدام شفافية المعاملات على السلسلة لتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي لمكافحة الاحتيال، وآليات قوائم العناوين البيضاء/السوداء، ونهائية المعاملات (لا يوجد خطر استرجاع المدفوعات للتجار).
الحوار الرابع: كل شيء على السلسلة
كان موضوع النقاش الرابع هو منتجات التوكننة. أدارت الجلسة رئيسة رأس المال الاستثماري في Brevan Howard Digital كولين سوليفان، وجلس على المنصة الرئيس التنفيذي لـ Franklin Templeton جيني جونسون، الرئيس التنفيذي لـ DRW دون ويلسون، الرئيس التنفيذي للعمليات في BlackRock روب غودستين، والمشاركة في إدارة Kinexys في JPMorgan كارلا كينيدي.
من اليسار إلى اليمين: كولين سوليفان من BHD، الرئيس التنفيذي لـ Franklin Templeton جيني جونسون، الرئيس التنفيذي للعمليات في BlackRock روب غودستين، المشاركة في إدارة Kinexys في JPMorgan كارلا كينيدي
وضع الأصول المالية التقليدية على السلسلة مسألة وقت فقط
اتفق المشاركون على أن توكننة الأصول اتجاه لا رجعة فيه. أدلى روب غودستين، الرئيس التنفيذي للعمليات في BlackRock، بأوضح تصريح: "السؤال ليس هل سيحدث ذلك، بل متى سيحدث." وأشار إلى أن المحافظ الرقمية تحتفظ الآن بنحو 4.5 تريليون دولار، ومع قدرة المستثمرين على الاحتفاظ مباشرة بالأسهم والسندات والصناديق المرمّزة عبر البلوكشين، سيستمر هذا الرقم في الارتفاع.
توقع دون ويلسون من DRW بشكل أكثر تحديداً أنه خلال السنوات الخمس المقبلة، سيتم تداول كل أصل مالي عالي التداول على السلسلة. وشبهت جيني جونسون من Franklin Templeton ذلك بالتحولات التكنولوجية التاريخية، وقالت: "دائماً ما يكون تبني التكنولوجيا أبطأ مما يتوقع الناس، ثم فجأة ينطلق بسرعة."
التوكننة ليست رؤية بعيدة، بل ممارسة جارية. حالياً، هناك دمج ثنائي الاتجاه بين التمويل التقليدي والأصول الرقمية: الأصول التقليدية (مثل الأسهم وسندات الخزانة) يتم توكنتها وتستخدم في DeFi، وفي الوقت نفسه، تندمج الأصول الرقمية (مثل العملات المستقرة وصناديق سوق المال المرمّزة) في الأسواق التقليدية.
تعمل المؤسسات منذ فترة على هذا المجال. كشفت جونسون أن Franklin Templeton أطلقت صندوق سوق مال أصلي على السلسلة (MMF) يمكنه حساب العوائد في الوقت الفعلي حتى الثانية. وقدمت كينيدي من JPMorgan Kinexys تحديثاً حول استخدام سندات الخزانة الأمريكية المرمّزة في معاملات إعادة الشراء الليلية بالدقائق، بالإضافة إلى إثبات المفهوم لتوكن الإيداع JPMD. وأكد ويلسون أن DRW يشارك بالفعل في معاملات إعادة الشراء لسندات الخزانة الأمريكية على السلسلة.
يجب عدم تكرار "الممارسات السيئة" الأصلية في العملات الرقمية
على الرغم من الآفاق الواسعة، إلا أن عمالقة التمويل التقليدي يظلون حذرين للغاية بشأن المخاطر. وأكدوا أنه لا ينبغي أن تكون الأصول المرمّزة والعملات المستقرة وتوكنات الإيداع قابلة للاستبدال، ويجب على السوق تقييم الضمانات المختلفة بناءً على جودة الائتمان والسيولة والشفافية.
حذر غودستين من BlackRock من أن العديد من "التوكنات" هي في الواقع منتجات "مهيكلة" معقدة، وأن عدم فهم هذه الهياكل بالكامل أمر خطير.
وأشار ويلسون من DRW بحدة إلى المشكلات الخطيرة التي كشفت عنها الانهيارات المفاجئة الأخيرة في سوق العملات الرقمية (11 أكتوبر): أوراكل غير موثوقة، ومنصات التداول التي تقوم بالتسوية الداخلية لتحقيق الأرباح، وإغلاق عمليات الإيداع للمستخدمين، وغيرها من تضارب المصالح.
وأكد بقوة أن هذه "الممارسات السيئة" لا ينبغي أن تتكرر في التمويل التقليدي قبل دخول DeFi، ويجب أولاً إنشاء معايير صارمة للبنية التحتية والإشراف على جودة السوق. بالإضافة إلى ذلك، ولأغراض الامتثال (AML/KYC)، يجب على البنوك الخاضعة للتنظيم استخدام دفاتر الأستاذ الموزعة ذات الوصول المصرح به (Permissioned DLT).
من يسبق في سباق التمويل الرقمي؟
إشارة هذا المؤتمر واضحة: لم يعد الاحتياطي الفيدرالي يعتبر صناعة العملات الرقمية تهديداً، بل شريكاً.
خلال العامين الماضيين، اشتدت المنافسة العالمية في العملات الرقمية. أحرز اليوان الرقمي تقدماً سريعاً في المدفوعات عبر الحدود، وبلغ حجم المعاملات في عام 2024 نحو 870 مليار دولار. دخلت لائحة MiCA في الاتحاد الأوروبي حيز التنفيذ، كما يجري تحسين أطر تنظيم العملات الرقمية في سنغافورة وهونغ كونغ. الولايات المتحدة تشعر بالضغط.
لكن سياسة الولايات المتحدة مختلفة، فهي لا تدفع نحو عملة رقمية للبنك المركزي تقودها الحكومة، بل تحتضن الابتكار في القطاع الخاص. قانون "مكافحة مراقبة CBDC" الذي أُقر هذا العام يحظر صراحة إصدار الاحتياطي الفيدرالي للدولار الرقمي. منطق الولايات المتحدة هو السماح لشركات مثل Circle وCoinbase بإصدار العملات المستقرة، ولشركات مثل BlackRock وJPMorgan بتطوير التوكننة، بينما تقتصر الحكومة على وضع القواعد والتنظيم.
المستفيدون المباشرون هم مصدرو العملات المستقرة المتوافقة مع التنظيم، حيث ارتفعت تقييمات Circle وPaxos بشكل كبير في الأشهر الأخيرة. كما تسرع المؤسسات المالية التقليدية من وتيرة دخولها، حيث عالجت JPM Coin من JPMorgan أكثر من 300 مليار دولار من المعاملات. وتختبر Citibank وWells Fargo منصات حفظ الأصول الرقمية.
تشير البيانات إلى أن 46% من البنوك الأمريكية تقدم الآن خدمات متعلقة بالعملات الرقمية لعملائها، بينما كان هذا الرقم 18% فقط قبل ثلاث سنوات. كما أن رد فعل السوق واضح. منذ أن أرسل الاحتياطي الفيدرالي إشارات تخفيف التنظيم في أبريل، ارتفع حجم سوق العملات المستقرة من أكثر من 200 مليار دولار في بداية العام إلى 307 مليار دولار.
وراء هذه الاستراتيجية اعتبارات سياسية واقتصادية عميقة. تعني العملة الرقمية للبنك المركزي مراقبة حكومية مباشرة لكل معاملة، وهو أمر يصعب قبوله في الثقافة السياسية الأمريكية. في المقابل، تتيح العملات المستقرة التي يقودها القطاع الخاص الحفاظ على مكانة الدولار العالمية وتجنب الجدل حول توسع سلطة الحكومة.
لكن لهذه الاستراتيجية مخاطر أيضاً. قد يشكل مصدرو العملات المستقرة في القطاع الخاص احتكارات جديدة، وقد يؤدي إفلاسهم إلى مخاطر نظامية. التحدي الذي يواجه المنظمين الأمريكيين هو كيفية تحقيق التوازن بين تشجيع الابتكار والحد من المخاطر.
قال والر في خطابه الختامي إن المستهلكين ليسوا بحاجة لفهم هذه التقنيات، لكن ضمان سلامتها وكفاءتها هو مسؤولية الجميع. قد تبدو هذه العبارة رسمية، لكنها تحمل رسالة واضحة: قرر الاحتياطي الفيدرالي دمج صناعة العملات الرقمية في النظام المالي السائد.
لم يصدر هذا المؤتمر أي وثائق سياسية، ولم يتخذ أي قرارات. لكن الرسالة التي نقلها أقوى من أي وثيقة رسمية. بدأ عصر الحوار، وانتهى عصر المواجهة.
