كوريا الجنوبية تُسرّع خطواتها لتنظيم العملات المستقرة ضمن تشريع جديد

يسرّع الرئيس الكوري الجنوبي المنتخب حديثًا، لي جاي ميونغ، من وتيرة تنفيذ وعده الانتخابي بالسماح بإصدار عملات مستقرة محلية، وذلك في ظلّ مضي حزبه قدمًا في إعداد مشروع قانون شامل ينظم قطاع العملات الرقمية.
فقد أفادت وكالة بلومبرغ أن الحزب الديمقراطي الحاكم، بقيادة لي، اقترح يوم الثلاثاء مشروع القانون الأساسي للأصول الرقمية، والذي يهدف إلى تحسين الشفافية وتشجيع المنافسة في قطاع الأصول الرقمية سريع النمو.
وينص المشروع على السماح للشركات المحلية بإصدار عملات مستقرة، شرط أن تمتلك رأسمالًا لا يقل عن 500 مليون وون (نحو 368 ألف دولار أميركي)، مع ضرورة ضمان استرداد الأموال من خلال الاحتياطيات المالية، والحصول على موافقة هيئة الخدمات المالية، الجهة التنظيمية المسؤولة في البلاد.

ويأتي هذا التوجه في وقت يشهد فيه تداول العملات المستقرة في كوريا الجنوبية ازدهارًا ملحوظًا؛ إذ بلغت قيمة المعاملات التي شملت أبرز العملات المستقرة المقومة بالدولار الأميركي نحو 57 تريليون وون (42 مليار دولار) خلال الربع الأول من عام 2025، عبر خمس بورصات محلية كبرى، وفقًا لبيانات بنك كوريا.
ومن المتوقع أن يُسهم هذا التشريع في تعزيز هذه المعاملات، ودعم واحد من أكبر أسواق العملات الرقمية في المنطقة، حيث يُشارك فيه أكثر من ثلث السكان، أي ما يعادل حوالي 18 مليون شخص، بحسب التقارير. وتجدر الإشارة إلى أن لي جاي ميونغ أدى اليمين الدستورية رئيسًا للبلاد بعد فوزه الحاسم في الانتخابات المبكرة التي جرت في 3 يونيو.

إلى جانب دعمه لإصدار العملات المستقرة، دعا لي أيضًا صندوق التقاعد الوطني الكوري الجنوبي إلى الاستثمار في البيتكوين والعملات الرقمية الأخرى، كما تعهد بالسماح بإطلاق صناديق تداول البيتكوين الفورية داخل البلاد. وقال خلال مناقشة سياسية في مايو: “نحن بحاجة إلى إنشاء سوق عملات مستقرة مدعومة بالوون، لمنع تسرب الثروة الوطنية إلى الخارج”.

معارضة من البنك المركزي

غير أن طموحات لي لا تلقى ترحيبًا من الجميع؛ إذ عبّر محافظ بنك كوريا، ري تشانغ يونغ، عن مخاوفه من أن العملات المستقرة غير المصرفية قد تُضعف فعالية السياسة النقدية في البلاد. وأكد البنك المركزي على ضرورة أن يكون هو الجهة التي تتولى الإشراف على تنظيم إصدار عملة مستقرة محلية، تجنّبًا لأي اضطرابات مالية مستقبلية.
وتأتي هذه التحذيرات في ظل استمرار مخاوف المستثمرين الكوريين من تكرار خسائرهم في مشاريع عملات مستقرة سابقة، مثل شبكة بلوكتشين “تيرا” التي انهارت في مايو 2022، بعد فشل عملتها المستقرة الخوارزمية، والتي كان من بين مؤسسيها الكوري الجنوبي دو كوون.

تأثير ذلك على السوق المالية

من جهة أخرى، أسهم التوجه الجديد للحكومة نحو دعم الأصول الرقمية في ارتفاع أسعار بعض الأسهم المحلية المرتبطة بالتقنية والتمويل. فعلى سبيل المثال، شهدت أسهم شركة كاكاو باي – وهي خدمة دفع عبر الهاتف المحمول ومحفظة رقمية، ارتفاعًا بنسبة 45% خلال الأيام الخمسة الماضية، بحسب بيانات Google Finance.
إلا أن بعض المحللين، مثل ستانلي يانغ وجيهيون تشو من جي بي مورغان، أبدوا تحفظهم، معتبرين أن هذا الارتفاع “غير مبرر”، إذ لا تزال أي فوائد ملموسة من سياسات الرئيس الجديد في مجال العملات المستقرة غير واضحة حتى الآن.